ميلاد اليهوذا
ميلاد اليهوذا🔴 دراسة بحثية السيد البروفيسور : في البدء، حين كان الكون ما يزال يتنفّس أنفاسه الأولى، وحين كانت الأرض ترتجف ككائنٍ حيّ يتهيّأ لامتحان عظيم؛ دوّى في أرجائها صوتٌ مختلف عن سائر الأصوات كان صدى أول جريمة تُرتكب على ترابها، جريمة سيبقى وقعها يتردّد في العوالم كلها ما دام للزمن ذاكرة. هناك، وسط سكون الوجود، رفع قابيل يده على أخيه هابيل، فانشطر النور عن الظلام، وتدشّن ميلاد الشرّ كقوّة سرمدية فاعلة في مسرح البشرية. حواء، وهي تحمل جنينها الأول، أحسّت بآلام لم يعرفها جسدٌ من قبل؛ لم يكن وجع لحمٍ ودم فحسب، بل كان وجع روحٍ تدفع إلى الوجود ثمرةً مشوهة مشوبة بسمٍّ قديم. لقد مرّت على طينة آدم لمسةٌ خفيّة من نجس إبليس لحظة خُلق، فبقي فيها أثرٌ غامض لا يزول. وحين أكلت من الشجرة المحرّمة، لم تذق ثمراً عادياً، بل ذاقت طعم الموت والشرّ معاً، فصار ما في أحشائها مرآة لذلك الطعم. فجاء قابيل البكر الملعون، أوّل غصن فاسد في شجرة البشر. كان وجهه يحمل ملامح التمرّد، وصدره يضجّ بعقوقٍ وغضب، كأنه خُلق من خليط من الضلال والسموم. وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَ...