• كأس العرب، احتفال يقرع طبول الفضيحة على حساب أمة تحترق.

 • كأس العرب، احتفال يقرع طبول الفضيحة على حساب أمة محترقة.

قراءة في مشهد عربي فقد بوصلته وفطرته السليمة.




السيد البروفيسور


ها هي أمة محمد آخر الزمان تشدّ أزرها، وترفع راياتها، وتتقافز كالقردة على مدرجات "كأس العرب" وكأنها وجدت أخيرا ما يوحّدها.

محفل رياضي عظيم اجتمع له العرب بكل ما يملكون من صياح ومزامير…

الملعب امتلأ، والوجدان خاو على عروشه.


قطر فتحت الأبواب، فتهافتت وفود العرب بشغف كامل، بقمصان المنتخبات، بينما بقيت خوذ المحاربين مركونة في ملفات التاريخ.

كرة من جلد كلب قادتهم على قلب رجل واحد، وشرخ غائر لطعنة في ظهر فلسطين ظلّ بلا  تضميد.


الأعراب ركضوا خلف كرةٍ مصنوعة من جلد عفن منفوخ، ركضوا باندفاع مدهش، اندفاع غاب تماما عندما صرخت فلسطين تستغيث وتبحث عن مجيب أو نصير .

ركضٌ يليق بتجربة سخرية ممتعة، تجاوزت تجربة تحرّرية أُجّلت إلى أجل ما بعد قيام الساعة.


الملايين احتشدت لأجل تمريرة، وهتفت لانتصار وقتيّ، وتسابقت الحكومات في الدفع بالجماهير نحو المدرجات. 

والساحات السياسية بقيت خاوية من قراراتها.

اللاعبون يتصبّبون عرقا فوق العشب الأخضر، وأطفال فلسطين يتصبّبون دما وخوفا وجوعا وعطشا تحت القصف والأنقاض.


 ما ترتيب هذا الحماس في سلّم أولويات الأمّة المحمدية؟ وأي وزن يمتلك عندما يوضع المسجد الاقصى بالكفّة المقابلة؟


رجال العرب أضحوا أطفالا فشدّوا الرحال بحثا عن هدف لكرة قدم، بينما هناك أطفال حقيقيون يبحثون عن قطرة ماء نقيّة تحت دخان حرب إبادة غير عادلة.

وانتشرت مشاهد لاعب جزائري قيل إنه سدّد الكرة بأسلوب كرتون "كابتن ماجد"، لتصوّر البطولة وكأنها تمرين جليل أدّته روح مقاتلة، مع أنّ الملعب لا يفتح سبيلا نحو القدس.

المنصّات العربية استبشرت بقدوم البطل الخارق الذي سيستعيد القدس عبر لقطة بطيئة وإخراج فنيّ مبهر.

ههههه ههه هه ..ه

يبدو أن تحرير القدس مؤجّل إلى أن تنتهي البطولة ويُسجّل الهدف الكرتوني المنتظر.


قطر لم تقل “سنحرّر القدس”، بل أعلنت تنظيم بطولة تحت عنوان "تحرير هدف في مرمى الخصم".

فركضت وراءها اثنان وعشرون دولة عربية بكلّ ما أوتيت من طاقة حماسية، تثير الريبة في طبيعة أولويات العرب.

مسابقة تُنتظر فيها لحظة إعلان “البطل الفاتح” الأشوس، الذي سينتزع فلسطين والمسجد الأقصى من بطش الاحتلال، حين ينجح في تجاوز حارس المرمى، بضربة جزاء مدروسة.


ونعم، العرب أهل احتفال وتكريم وشرف وعزّة، فتكاثفت مبادرات الدعم.

فالعرب منحت ملايين اليورو لكلّ مشجع باسل، ذى مروؤة ونخوة وشهامة، يسافر ويصرخ وينبح ويصهل. ...، في المدّرجات لصالح المنتخب الوطني المغوار.

أما فلسطين، فلهجيج الشاشات عليها أن تكتفي بالمراقبة: دخان، قتل، ...أرض مقدّسة تحترق، دماء شعب أعزل يسيل هدرا، ماء نقيّ منقطع، دواء منعدم، فيما العرب يصفّقون بحزم وشجاعة لفوز منتخب شبابه جند مغوار وتكتيك مدرّب أشبه بقائد خالد ابن الوليد في ساحات اللعب. ..، عفوا أقصد ساحات المعارك!!!

ولو عاد خالد ابن الوليد من مخطوطات التاريخ إلى حاضر العرب، لحشد عرب اليوم أمامه، منتظرة الدفع لا الإندفاع،  لرآهم كأكوام جاهزة، يرصّهم في صف واحد، صفّ من سدّ بشريّ يعرقل زحف العدو لحظات معدودة كحجرة عثرة أمامه؛ لحظات تكفي ليفتح هو وجنده الرجال الشجعان الجراة طريقا مستقيمة إلى قلب المعركة. فالعرب، في الصفوف الخلفية،لن يغيّروا من حسابات المعركة شيئا ولن يرفعوا راية ولن يغيروا مسارا ولن يصنعوا الفتح والنصر.


بطولة كأس العرب، بكل محتوياتها، لا تعدو كونها احتفالا عظيما بالهزيمة النكراء للعرب أمام اليهود، فوق أنقاض واقع يزداد حلكة.

كم هذا مهين حقا، حيث يتساءل المرء ويد التعجّب تصفعهم بقوة:

قدرة العرب على التجمّع والاحتشاد في المالعب خارقة، وقدرتهم على التجمّع من أجل قضية مصيرية تتبخر كأنها لم تُخلق أصلا.


التاريخ يكتب:

تفوّق إداري في اللهو مبهر،

عجز سياسي في الحرب مخزٍ،

نظام مجموعات متقن بدقّة متناهية،

واقع عربي مفكّك إلى ذرات متناثرة.


من بين ثلاثة وعشرين منتخبًا جاءوا لاستعراض مهاراتهم القتالية أمام كرة! تأهّلت قطر بصفتها مضيفة، وتأهّلت الجزائر بلد ملايين الشهداء المركونة جماجمهم في متاحف المستعمر، بصفتها حاملة اللقب، ولحقت بهما بقية التصنيفات الفيفاوية، كأنّنا أمام إنجاز حضاري لقيام الدولة الإسلامية المحمدية.

مباريات فاصلة تضغط الأعصاب، أكثر مما يضغط الاحتلال على أعناق الفلسطينيين.


المجموعات قُسمت بذكاء هندسي، والقرعة وزّعت بدقّة، والمنتصرون الفائزون مضوا إلى ربع النهائي، ثم نصف النهائي، ثم مباراة ثالثة، ثم نهائي مهيب: "لتحرير الأقصى..."، أعني تحرير الهدف.


مباراة لا تغيّر شيئا في خارطة المنطقة سوى لون الراية المرفوعة في نهاية الشوط الثاني.

التصفيات الأولى جمعت الأدنى تصنيفا من آسيا بالأدنى من إفريقيا.

الغالبوون تقدّموا كما تتقدّم آمال الفلسطينيين خطوة، وتتراجع خطوتين.

أرقام وحسابات وجداول تعرض بفخر، أمام العالم الغربي الذي يتفرّج متعجّبا لأمر العرب الغير مبال لأرض عربية مقدّسة خرّبت،

عمل إداري يليق باتحاد كرة تركل بالقدم لا يعرفون لماذا خلقت من البداية أصلا،


،؛، الكرة خلقت أوّل مرّة، لتمجّد لحظات قتل الأنبياء وقطع رؤوسهم واللعب بها كأنها

 كرة، وغايتها الإحتفال بالنصر على رسالة رسل السماء. ،؛، 


هذه الكرة جمعت شعوبا غبيّة عربية، رفضت الإتحاد تحت راية الإسلام، فاختارت أن تتراصّ أخيرا اتّحدت تحت راية لعب الكرة، بينما مصائرها معلقة على شفا جرف هار تكاد تنهار به، ولا تبحث عن خلاص من سعير جهنّم.


وفي المدرّجات، اجتمعت الأعلام العربية كلّها، حتى علم فلسطين…

علمٌ يُرفع في الهواء، بينما من يحمله على الأرض في ميادين القتال يترك لقدر مجهول.

فلو كنتم رجالا يقتدى بهم، ارفعوا رايات علم فلسطين في ميادين القتال وليس في ملاعب الصبيان!

حضور فلسطيني عالق بين نشيدين، لا بين قرارين.


أين ضمير الأمة العربية؟ في كل مرة نبحث عنه، وإذا به مُعلّق بين قدم لاعب وركلة كرة، وكأن الروح القومية انتقلت للإقامة الجبرية والدائمة داخل تلك الكرة التي يتقاذفونها.

أين ضمير الأمة المحمّدية؟ سؤال يتيم. كلّما اقتربنا من الجواب عنه، وجدناه محشورا في تلك الكرة التي تركلها الأرجل، كأنّ الوجدان العربي اختار خجلا الاختباء داخل جلد يدحرج كل تسعين دقيقة.


ماذا حرّر العرب المشتاقون إلى اللعب كما الأطفال بعد انتهاء البطولة؟

حرّروا كرة من شبكة مرمى. ههههه هههه هه....ه

أما فلسطين، فبقيت في الانتظار؛ تنتظر لاعبين من نوع آخر! رجال من طينة أخرى!


والسؤال يبقى مطروحا أمام الوعي العربي:


كيف تتحوّل الانتصارات الرياضية إلى بديل نفسي عن الانتصارات العسكرية الغائبة؟

وكيف تبلغ الحماسة ذروتها في ملعب، بينما تعجز عن الظهور في ساحات القرار التي تتحكّم بمصير الشعوب كلّها؟


والتاريخ يسجّل وصمة عار تبقى راسخة في جبين العرب إلى قيام الساعة: هيكل البطولة العربية... تفوّق تنظيمي يعكس عجزا عسكريا سياسيا!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سر التردد الطاقي 369، حقيقة قناة الجزيرة وقطر، المقاومة في الأرض المقدسة، ومن يعمل عمل قوم لوط، الملحمة الكبرى هرمجدون، المهدي موجود بيننا؟ في شرح السيد البروفيسور

رموز و شيفرات لا تحصى و لا تعد كشف سرها البروفيسور منذ سنوات 19/09/2020

لأول مرة شرح دقيق لماهية الزمن فيزيائيا

علم الأبعاد الزمنية وتحليل الإمضاء لشخصية عالمية بارزة

الشكل الحقيقي للرجل المنتظر - كنز سيدنا سليمان و الجدار والغلامين - لغز كلمة كافر -